JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

Home

مفهوم الحقيقة _ المحور الثاني: معايير الحقيقة

مفهوم الحقيقة

 

المحور الثالث معايير الحقيقة 

الإطار الإشكالي

 اذا كانت الفلسفه تبحث عن الحقيقه وتحاول تجاوز عالم الرأي، وتحكم على الخطاب بأنه حقيقي أو غير حقيقي ،فمن أين تستمد الحقيقة قوتها ؟ما معايير الحقيقة ؟هل هو معيار التماسك المنطقي ومطابقه الفكر لمبادئه ام هو معيار التحقق التجريبي ومطابقه الفكر للواقع ؟هل هو معيار النجاعه والفائده ؟وبالتالي كيف تتحدد الحقيقة ومعيارها بين العقل والتجربه وبين الذاتية والموضوعية وبين الوحدة والتعددية وبين المطلق والنسبي؟

تحليل تصورات الفلاسفة

اولا :الاتجاه العقلاني (ديكارت سبينوزا لايبنز)

يؤكد  ديكارت على ضرورة الشك كخطوه منهجيه اولى في طريق بحثنا عن الحقيقة، بحيث نرفض الىراء الشائعة والاحكام المسبقه التي ينقصها الوضوح واليقين و لا نحتفظ الا بالأفكار الصادقة التي تتميز بالبداهة والوضوح العقليين ،وبذلك يكون معيار الحقيقه عند ديكارت هو قاعدة البداهة العقلية والعقل قادر بقواه الخاصة على ادراك الحقيقة، وتتمثل هذه القوى العقلية في الحدس والاستنباط أي حدس البديهيات العقلية والإستنباط او استنتاج ما يمكن استنتاجه منها من حقائق عقلية ، دون حاجة الى التجربة الحسية لأن الحواس كثيرا ما تخدعنا وتوقعنا في الخطأ.

 وقد تابع سبينوزا منهج ديكارت في اعتماد معيار البداهة العقلية لاثبات الحقيقة مؤكدا على ان الحقيقه معيار ذاتها ، أي ان الحقيقة بداهة عقلية لا تحتاج الى اثبات تجريبي ،فهي تظهر بذاتها ولا تحتاج الى ما يكشفها ويكذبها ،بل هي تكشف كل شيء انها كالنور الواضح والمتميز في الظلام والذي لا يحتاج الى سند خارجي ليعرفنا بنفسه وفي هذا المعنى يقول سبينوزا فكما انه بانكشاف النور ينقطع الظلام فالحقيقه ايضا انما هي معيار ذاتها ومعيار الخطأ.

  واذا كان ليبنز يصنف بدوره داخل الاتجاه العقلاني التقليدي فهو يتميز برفضه لمعيار البداهة العقلية عند ديكارت وتاكيده على انه لا ينبغي ان نقبل افكارا على انها صادقه ما لم نتمكن من البرهنة عليها بشكل منطقي سليم وبذلك يصبح معيار الحقيقه هو البرهان والمنطق. 

ثانيا :الاتجاه التجريبي (لوك وهيوم)

في مقابل اتجاه العقلاني الذي تزعمه في الفلسفة الحديثة ديكارت، سيظهر الاتجاه التجريبي الذي تزعمه الفيلسوفان  الانجليزيان دافيد هيوم وجون لوك ،وهو اتجاه يعطي الأولوية للتجربة كأساس لمعرفة الحقيقة، ويؤكد على ان العقل يولد صفحه بيضاء بدون أفكار فطرية ،ويستمد جميع افكاره ومعارفه من التجربة ،وهكذا يصبح معيار الحقيقة عند التجريبيين هو مبدأ التحقق التجريبي ومطابقة الحكم العقلي لواقعه ،ويحاول هيوم التدقيق أكثر في معيار الحقيقة مميزا في هذا السياق بين نوعين من الحقائق حقائق عقلية او صورية ،وتهمنا حين يكون موضوع العقل هو العلاقات بين  الافكار و معيارها هو عدم التناقض المنطقي كما هو الشان بالنسبه لحقائق العلوم العقلية او الصورية الرياضية ثم هناك حقائق تجريبية وتهمنا حين يكون موضوع العقل هو علاقات الافكار بالوقائع ومعيارها والتحقق التجريبي ومطابقة الافكار للوقائع كما هو الشأن بالنسبة الى حقائق العلوم التجريبية، والمهم في هذا التصور التجريبي واعتبار معيار الحقيقة على مستوى افكارنا ومعارفنا حول الواقع هو التحقق التجريبي مطابقة الفكر للواقع. 

ثالثا :الاتجاه  النقدي (ايمانويل كانط)

خطأ الاتجاهين السابقين يكمن في نظرتهما الأ حادية واعطاء الاسبقيه بالثالي اما للعقل بالنسبه للعقلانيين او التجربة بالنسبة للتجريبيين ،وعلى عكس ذلك نجد على مستوى الاتجاه النقدي عند كانط تاكيدا على ان المعرفة او الحقيقة تبنى ويتكامل في بنائها العقل والتجربة القبلي والبعدي ،وفي هذا المعنى يقول كانط "المفاهيم بدون حدوث حسيه تظل جوفاء والحدوث الحسيه بدون مفاهيم تبقى عمياء " فالعقل يعطي الصورة المنطقية للمعرفة، اما مادة المعرفة فهي الحدوس الحسية التي هي مادة خام يقوم العقل بتنظيمها واعطائها شكلا او صورة واضحة وتبعا لذلك فإن الحقيقة التي يمكن معرفتها لا تكون هي مطابقة الفكر للواقع بل انتظام معطيات الواقع وفقا لبنيه العقل ونظامها القبلي المتعالي . و ما يمكن معرفته ظاهر الشيء اما الشيء في ذاته او باطن الشيء فلا سبيل الى معرفته، اي ان الحقيقة التي يبنيها العقل بتكامله مع التجربة ليس سوى حقيقة ذاتيه نسبية ويميز كانط بين معيارين للحقيقة اولا :معيار منطقي صوري يساعدنا على اكتشاف الاخطاء والتناقضات الموجودة في الصورة الإستدلالية المنطقية للمعرفة، وهذا المعيار الصوري يمكن ان يكون معيارا منطقيا عاما وكونيا وثانيا: معيار مادي يساعدنا على اكتشاف الاخطاء الموجودة في مادة المعرفة، ومضامينها وهذا من شأنه ان يكون معيار نسبيا ومختلفا باختلاف مواضيع المعرفة ومواضيعها. 

خلاصة تركيبية

محصول القول أن الحقيقة ترتبط بمعايير عديدة، فمعيار البداهة العقلية الذي يعني مطابقة العقل لذاته ،فالحقيقي هنا هو الصادق والخطا او الوهم هو ضد الحقيقة .كما أن الحقيقة ترتبط بالواقع عندما يكون معيارها مدى مطابقتها للواقع. وقد تكون كذلك نفعية عملية وذاتية عندما يكون معيارها المنفعة ومن هنا يأتي القول " لكل خطاب أو قول حقيقته"


NameEmailMessage