الإطار الإشكالي للمحور
بما أن المعرفة العامية تبنى انطلاقا من التجربة العادية بوصفها انطباعا حسيا بسيطا... فإن المعرفة العلمية تتأسس عل التجربة العلمية أو التجريب العلمي الذي يسعى للدقة وتحقيق الموضوعية في اختبار الفروض المقترحة لتفسير الظواهر المدروسة. ما يجعلنا نتساءل: ما الفرق بين التجربة والتجريب؟ وما هي شروط التجريب العلمي وحدوده؟وكيف تتفاعل النظرية مع التجريب في مجال العلوم التجريبية؟
1/تحليل تصور كلود برنار (1813- 1878 م) Bernard Claude
يرى كلود برنار وغيره كأحد المنظرين للمنهج التجريبي في صورته الكلاسيكية أن لهذا المنهج خطوات وهي على النحو التالي: فالملاحظة العلمية لظاهرة ما قد توحي للعالم بفكرة أو فرضية تفسيرية لسبب وقوعها والتأكد من صحة الفرضية يتم بواسطة التجريب المخبري والفرضية التي يثبتها التجريب العلمي تصير قانونا علميا. وعلينا أن لا ننظر إلى هذه الخطوات:
الملاحظة- الفرضية- التجريب- القانون... كخطوات مستقلة، أو كخطوات تتابع دائما بهذا الترتيب بل هناك هناك نوع من التداخل والتحديد التضافري بينها في الممارسة التجريبية للعالم. من الصعب التمييز بين خطوات المنهج التجريبي على المستوى العملي، فإن كلود برنار يحاول التمييز بينها وتحديد خصائصها من الناحية النظرية مؤكدا في هذا السياق على أنه إذا كان العالم في لحظة الملاحظة، ينصت الى الطبيعة في "صمت يسجل ما تمليه عليه بدقة وموضوعية ، فإنه في لحظة التجريب يسأل الطبيعة ويرغمها على الجواب بناء على فكرة أو فرضية تفسيرية ، يريد التأكد من صحتها والانتقال بها من مستوى الفرضية التخمينية إلى مستوى الفرضية العلمية المؤكدة تجريبيا.
يقول كلود برنار في هذا السياق:" إن العالم المتكامل هو الذي يجمع بين الفكر النظري والممارسة التجريبية"، ولكنه على الرغم من إدراكه لأهمية الفرضية النظرية ودورها في صنع التحر بة... فانه يؤكد في نفس، الوقت على الطا بع الاختباري، للفرضيات العلمية التي ينبغي، أن تحقق. في نظره، الشرطين التاليين: الأول أن تكون هذه ا الفرضيات منبثقة من ملاحظة الوقائع والثاني أن تكون قابلة للتحقق منها تجريبيا... وبذلك فإن كلود برنار في تصوره لعلاقة النظرية بالتجريب العلمي لا يتجاوز النزعة الاختبا رية الكلا سيكية. . التى تعطى الأولوية للتجربة كمصدر لجميع الأفكار والحقائق العلمية.
نعطي هنا مثالا للتجريب العلمي عند رو اده في بداية العصر الحديث، ويتعلق الأمر بتجربة تورشيللي حول سبب صعود الماء في مضخة السقي وتوقفه عن الصعود من علو معين.( للتوسع اقرأ عن تفاصيل التجربة)